توجهت إلى ذلك المقهى كالمعتاد فما إن رآني
عم (عيّاد) حتى أنفجر قائلا :
" البلد بتضيع يا باشمهندس .. البلد
بتضييييع "
وبرغم عهدي بلقب ال(باشمهندس) الذي يناديني
به دوماً رغم أنني أخبرته مراراً أنني لا علاقة لي بالهندسة وأنني شبه أخصائي اجتماعي
وشبه مدوّن وشبه كاتب وكان يرد علي دائما : " ما تضايقش نفسك .. ما أحنا كلنا
شبه بني أدمين " ، إلا أنني لم أعهده منفعلاً بهذا الشكل من قبل ..
جلست بجواره وسألته عن ما به ..
" البلد بتضيع خلاص .. كل حاجة بتبقى
أنيل من الأول .. الأكل بيغلى وسواقين الميكروباص بياخدو ضعف الأجرة وكمان
بييقسّموا المسافة والشغل مرّيح واللي بيجيني منه بصرف نصه على المواصلات ، والأزمات
شغالة وفووووووق ده كله الناس عايزة تجيب (عمر سليمان) ريس .. هيضيّعوا البلد ولاد
ال(.......) "
قلت له متعمداً استفزازه :
" طب ما هي دي الديمقراطية يا عم (عيّاد)
.. كله يرشح اللي هو عايزه .. "
أنفجر فيّ كما توقعت قائلاً :
" ديمقراطية أيه وزفت إيه .. هو ينفع أنا
أولعلك في بيتك وأقولك دي حرية شخصية ؟ لأ وكمان فيه ناس مش عاجبها قانون العزل
؟!! "
سألته مستفزاً إياه مرة أخرى :
" هما مش موافقين لأنهم بيقولوا أنه غير
دستوري وأنه ضد مبدأ حق الترشح لكل مصري "
أجاب ووجهه يكاد ينفجر من الغيظ :
" دستوري إيه بس ؟ هما الفاسدين اللي
خربوا البلد دول مصريين أساسا ولا حتى يتسموا بني أدمين ؟ إيه الهم اللي إحنا فيه
ده بس .. يا ناس دول رجالة (مبارك) أرحمونا بقى .. ما تستهونوش بيهم .. مش كفاية
مستحملين اللي بيعملوا فينا المجلس العسكري "
حاولت أن أجعله يهدأ قليلا لكنه قال لي :
" والله العظيم عيب علينا .. نعمل ثورة
عشان نجيب نائب الرئيس اللي خلعناه ؟!! .. هتخلوا العالم يضحك علينا يا ولا ال(.......)
"
ونظر إلى الجالسين في المقهى وقال لهم في
نبرة تحدي :
" واللي هعرف إنه مؤيد ل(عمر سليمان)
منكم يا شعب همج يبقى هو الجاني على نفسه ومش هسيبه .."
طبعا كان هذا كفيل بأن يتحاشى الجميع النظر
إليه ؛ فعم (عيّاد) لمن لا يعرف هو في مقام كبير المنطقة ..
" وأنتا يا قهوجي الغبرة .. على الله
ألاقيك معلق أي يافتة عليها أسم الراجل ده .. أنتا فاهم ؟ "
رشف قليلا من القهوة ..
" هتموتوني ناقص عمر يا شعب (......)
.."
ونظر لي وقال :
" والله العظيم لو سكتّوا على إن (عمر
سليمان) يترشح تبقوا عيال هفأ وتستاهلوا اللي هيحصل لكم .. وأنا عن نفسي هسيبكوا
تموتوا وتتسجنوا قدامي ومش هسأل فيكوا ويبقى دمي اللي اتحرق وأنا بدافع عنكم راح
هدر .. ويبقى دم كل شهيد راح بلاش ..
أنتو أحرار ..
أنا هروّح وأقفل البيت على نفسي ومش هنزل منه
لغاية ما أعرف أنتو فعلا رجالة ومش هتسكتوا ولا هتسكتوا وتسيبوا الثورة تفشل
وتشمّتوا فينا اللي يسوا واللي ما يسواش .. "
وحتى تلك اللحظة لم أرى عم (عياّد) ولم يراه
أحد ولم يخرج من منزله ويطرد كل من يذهب إليه ، وما زال ينتظر أن يرى نهاية الأمر ..
مازال ينتظر أن يرى هل سنصمت على ترشح (عمر
سليمان) أم لا ..
محمد العليمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق