الثلاثاء، 7 يناير 2014

نأسف لهذا الحلم

أفتح عيناي لأجد نفسي واقفاً في كواليس ذلك المسرح ..
أستطيع أن أرى وأسمع ذلك المطرب الذي رأيته في أكثر من مناسبة وهو الآن يقول : " أول ما شوفته بيتكلم بعد ما مسك الرئاسة قولت لنفسي أيه اللي جاب المـ****ص العبيط ده هنا ؟ .. لكن يا سيادة الفريق ربنا كان كاتبلنا انه يكون سبب في إن سيادتك تبقى بطلنا ومنقذنا منه ومن جماعته "
صوت التصفيق يعلو ومن الواضح ان الجمهور قد تغاضى عن الكلمة الخارجة التي قالها المطرب ربما لأنها على هواهم .
يُنهي المطرب كلمته ويعود للكواليس وأدخل بعده إلى خشبة المسرح لأجد مئات الروؤس تجلس وفي مقدمتهم الطبقة الحاكمة ..
وقفت في منتصف المسرح ووجدتني أقول في ثبات أندهشت له :
" السلام عليكم ..
إن وقفوفي أمامكم اليوم من دواعي سروري ومن وافر حظي وإن كنت أخشى ألا يكون كذلك بالنسبة لمن سيستمعون إليّ ..
أُعرفكم بنفسي .. أنا شاب خرج ضد كل من حكم فظلم .. أنا العامل الثابت في كل المعادلات السياسية ويبدو أنني سأبقى هكذا إلى الممات ..
أنا وجه رأيتموه يطالب بإسقاط حكم أستمر لثلاثين عاما ثم عاد ليهتف بسقوط حكم العسكر عندما أخفقوا في إدارة المرحلة الإنتقالية .. ثم نادى بإسقاط حكم المرشد عندما سيطرت جماعة واحدة على مقاليد الحكم ..
انا من أختلف مع من حوله في حلمهم بنزول الجيش ليزيح نظام الإخوان ووجدته درباً من أماني أعياد الميلاد ..
نعم يا سادة .. أعترف بأنني كنت قد فقدت الأمل في تدخل الجيش عندما بدأت الحرب الأهلية الحقيقية بعد الإعلان الدستوري لأنني كنت أرى أن زجاجة الدماء قد أمتلأت بالفعل حينها ولو كان تَدَخُل الجيش حتمي لتم في تلك الأيام ، ولذلك فمن الغباء أن أتمنى تدخلهم في أيامٍ لاحقة لأن من مات قد مات وما سال من الدماء قد سال فلماذا كان الإنتظار ؟
ولكن بعد الثلاثين من يونيو تحقق أحلام من خالفتهم الرأي والتمني وقام الجيش ممثلاً في قائده بعزل الرئيس ، ولم أهلل ولم أصيح ولم أغنّي والأكيد إنني لم أفوِّض .. وآثرت الصمت حتى تتضح الأمور ..
فأنا لم أعتاد يا سادة الغناء مع الجوقة لمجرد أن الجميع يغنون بها .
قلت أن تَدخُل الجيش هو ليس فضلاً علينا بل هو واجب وطني يُذكر له لذلك فلا داعي للمغالاة في الحمد والتقديس ..
رأيت في قائد الجيش رجلاً صادق الحديث وكنت أردد " أفلح إن صدق" وقلت أن الحُكم على من مدى صدقه هو بتحقيق ما وعد به ..
ظننت أن حلمي بدولة يحكمها رئيس مدني منتخب يتوافق عليه أغلب الشعب قد يتحقق وإن غاب وجه هذا الرئيس القادم في الظلام لنجهل من هو وإن حلمنا أن يكون مدني ..
لماذا مدني ؟
أعلم أن صورة الرئيس المدني قد أهتزت بل إنهارت بسبب الرئيس الآخير ولكن المبدأ لا يمكن أن يتغير ..
كلنا يعرف ما هو الفرق بين العقلية العسكرية وبين غيرها وعلى من لا يعرف ان يعود بالزمن ليرى تاريخ مصر وشخصيات رؤسائه العسكريين ..
تركت عقلي في فترة لفكرة أنه ليس هناك أحق منك يا سيادة الفريق بالرئاسة .. ويعلم الله أني أحبك وأرى فيك بطل ستخلده كتب التاريخ إذا ما أوفى بوعده بعدم الترشح لأنني وغيري نعلم ما يغيّره كرسي الرئاسة الملعون هذا في نفوس من يجلس عليه .. وتخيّلت الوضع السياسي والأقتصادي والأمني للوطن حينها .. وللأسف رأيته لا يختلف كثيرا عن الوضع الحالي .. وإن أختلف شيئا واحداً ألا وهو أن الناس وجدت من ينصّبونه فرعونا جديدا ..
سيادة الفريق .. أخاف عليك من الإنجرار إلى فكرة أن الترشح للرئاسة واجب وطني .. وأرى أن الواجب الوطني يمكن تحقيقه في موقعك وإن كنت أخشى من خطورة أن تطغى شعبيتك على شعبية الرئيس القادم مما سيجعل الصدام بينكم قادم لا محالة ..
سيادة الفريق .. دعوتي هذه لا تنبع من أنني محسوب على تيار ما أو جهة ما .. فأنا – والله يشهد على ما في قلبي – لا أرى هناك من يصلح للرئاسة بعد ، فالجميع إما كروت محروقة أو وجوه فقدت رونق شعبيتها السابقة لأسباب أو لأخرى ، ودعوتي تلك تنبع من حب الوطن الذي أعلم مدى حبك أنت أيضا له ..
سيادة الفريق .. للرئاسة حسابات أخرى غير الشعبية الجارفة .. فأتخذ قرارا حاسما لأن الزمن لايعود للوراء لمحو الأخطاء .. والندم ليس من شيَم العقلاء "

أنتظرت رد فعل لخطابي ..
أنتظرت ..
ولكن لا فائدة ..
أنتظرت ان يتم التحقيق معي أو أن يتم تدارك الخطأ بمعاقبة من عاوني على الوقوف على هذا المسرح .. أنتظرت أن يتم إتهام الجهات الأمنية المسئولة عن تحديد من يلقون كلمتهم في هذه المناسبات كالمعتاد بالتقصير في أداء مهمتها ..
ولكن لم يحدث شيء ..
فكيف لمستيقظ من نوم أستغرق ثلاث ساعات أن يجد رد فعل لمنام رآه ؟
ولكني أستيقظت لأستفسر عن سبب هذا الحلم .
هل هو كبت لأفكار كثيرة ضممتها في قلبي ولم أفرج عنها إلا لماماً ؟ أم لعلها أضغاث أحلام نتجت عن تناول الباذنجان المُخلل قبل النوم ؟
وبقي السؤال الأهم .. هل لو صار البذنجان المخلل هو سبب تلك الأحلام التي نعبّر فيها عن رفضنا لرأي ما أو إتجاه ما سيتم حينها منع تناوله لخطورته على الأمن القومي وأعتبار من يتناوله من الخونة او من الطابور الخامس ؟
هل سيتم إعادة إنتاج فيلم اللعب مع الكبار ليصيح البطل في آخر الفيلم : " هاكل بدنجاااااااااااااان .. هاااااااااااكل بدنجان " ؟
أعلم أن لهذا الحلم تفسيرات كثيرة لديكم وأقربها إلى ذهني هو : (أستغطى كويس) وآخرها (نام خفيف) ولكني سأتمسك بكل كلمة قلتها في الحلم ..
وعلى المتضرر من أحلامي اللجوء إلى وزارة التموين لمنع البذنجان من الأسواق أو اللجوء إلى القضاء لمقاضاة من يحلم ..
ولكني سأظل أحلم  .. سأظل أحلم...

محمد العليمي