السبت، 8 سبتمبر 2012

عم (عيّاد) وزمن الإخوان ..


مر وقت طويل ..
لا أعلم مقداره .. ولكنه وقت طويل ..
أم لعل تسارع الأحداث هو ما جعلني أشعر بذلك ؟ .. لا أدري .. ولكني مُتأكد من شيء واحد أنني لم أرى عم (عيّاد) منذ اللحظة التي قدم فيها (عمر سليمان) أوراق ترشحه للرئاسة ..
حينها قرر عم (عيّاد) أن ينعزل عن البشر وأحترمت عزلته .. وأنشغلت بأمور كثيرة من امتحانات وانتخابات ثم سفر ثم عودة من السفر .

أخذتني قدمايّ إلى ذلك المقهى الذي لا يفارقه عم (عيّاد) دوماً لدرجة تُشعرك أنه نُصب تذكاري لشخص .. تمثال نحته أبرع نحات تدب فيه الحياة كل دقائق قليلة ليخرج منه فقط دخان الأرجيلة - (الشيشة) – ثم يعود مرة أخرى لوضعه الثابت ..
ما إن رآني حتى أبتسم وقال لي :
- " الباشمهندس ؟؟ .. عاش من شافك .. على فكرة أنا زعلان منك .. هانت عليك العِشرة وما تسألش على عمك (عيّاد) ؟؟ "
أخبرته ما أخبرتكم به من أسباب غيابي وأعتذرت له ..
- " ولا يهمك يا هندسة .. طب وايه أخبار النتيجة بتاعت الامتحانات ؟ "
- " داخل رابعة خدمة اجتماعية إن شاء الله "
- " ربنا يوفقك يا باشمهندس "
تأملت المكان حول المقهى ..
كل شيء كما هو منذ أخر زيارة لي .. لا يوجد أي ملصق لأي مرشح رئاسي ممن خاضوا الإعادة .. لا يوجد أي لافتة دعائية تحمل أسم أي شخص يُهنئ الرئيس بالفوز بالسباق الرئاسي ..
كما عهدتك يا منطقة عم (عيّاد) .. لك خصوصية عن باقي المناطق وكأن الزمن لا يُغير بك شيئاً .

سألته عن أحواله الشخصية فأجابني أنها كما هي ..
سألته عن رأيه في وصول مرشح الإخوان إلى الحكم وأداء الرئيس وتخوّف أغلب الشعب من أخوّنة الدولة و ....
- " إخوان ايه اللي وصلوا للحكم ؟؟؟ "
- " مرشح الإخوان يا عم (عيّاد) هو الرئيس دلوقتي "
- " طب وأيه المشكلة ؟ "
أصابني الذهول ولم أعرف إن كان يتحدث جدياً أم لا .. ولكن ملامحه وجهه كانت تدل على أنه جديّ ..
كسر صمتي وقال :
" بص يا باشمهندس .. أنتا عارف كام دولة احتلتنا ؟ "
- " الفرس واليونانيين والرومان والفرنسيين والإنجليز "
- " غيروا لغاتنا ؟ غيروا فينا حاجة أصلاً ؟ "
- " اللغات أتأثرت تأثير بسيط .. والتأثير بشكل عام بسيط برضه ومش كبير بالعكس أحنا اللي بنأثر فيهم "
- " عليك نوووووووووووووووووووور .. أحنا بلد لا مؤاخذة ولا حاجة ممكن تغيرنا إلا بمزاجنا .. ما حدش يعرف يغيّرنا غصبين عنا .. عاملين كده زيّ الهرم .. كبيرنا لونّا يروح .. جزء منا يحتاج شوية ترميم لكن .. ثابتين في الأرض ، يوم ما الهرم يختفي ساعتها يبقى هقولك أحنا هنتأثر "
رشف رشفة من القهوة ثم نظر لي قائلاً :
 - " لو كنت فاكر أن عشان واحد من الإخوان مسك يبقى هيخدوها فجيبهم يبقى أنسى يا هندسة .. والأيام ما بينا وبكره تشوف "
في الواقع لم اقتنع برأيه هذا وأخبرته أن هناك محاولات مستميتة لتغير شكل الدولة إبتداءاً من أقل موظف وإنتهاءاً إلى الدعوة إلى تغيير شكل العَلَم ..
أبتسم قائلاً :
- " هو أنتا فاكر إن الناس عشان ساكتة وراضية بالرئيس يبقى معنى كده أنهم لا مؤاخذة مقتنعيين بيه ؟ .. سيبك من أهله وعشيرته وجماعته .. أغلب الناس كانت عايزة رئيس وخلاص علشان فاكرة انه هيجي ومعاه استقرار في شنطته .. الصبر حلو يا باشمهندس .. سيبه يغلط غلطة كبيرة وأنتا تصدق كلامي "
- " يعني أنتا مش خايف يا عم (عيّاد) من الإخوان ؟ "
أبتسم بسخرية وقال :
- " لأ طبعاً .. المفروض هما اللي يخافوا مننا "
قالها وعاد إلى صمته وتركني أفكر فيما قاله ..
هل سنظل مثل الهرم كما قال أو على الأقل مثل تلك المنطقة لا نتأثر بأي شيء ؟
لكم عجبتُ لتلك المنطقة السكنية التي لم يُغيّرها أي مد سياسي أو ديني .. فلم يقدر على إقناعهم بإنتخاب فصيل ديني في البرلمان أحد ولم يُجبرهم أن تتغير عادتهم أي شيء ..
هل سنظل كتلك المباني القديمة الموجودة حول المقهى ثابتين في أماكننا ؟ أم سيتم هدمنا لبناء مبانٍ جديدة تُناسب المالك الجديد للأرض ؟
ويبقى السؤال الأهم .. هل سيُغيرنا من في يده السُلطة أم سنُغيره نحن ؟
تلك هي المسألة ..

محمد العليمي