الخميس، 31 يناير 2013

الشعب يريد زغزغة النظام



ما بين الدعوة إلى إسقاط النظام من قبل البعض والدعوة إلى إصلاحه من قبل البعض الآخر .. نجد أن هناك فئة كبيرة قد قررت أن تنتهج منهج (بين البينين) ، فهي تريد أن ينتهي هذا النظام وفي نفس الوقت لا تفعل ما يكفي لإسقاطه .
نجد هذه الفئة تجلس في منازلها تلعن وتسب الرئيس بحاشيته وحكومته وتتمنى أن (يغور) وفي نفس الوقت تعترض على المظاهرات لأنها (وقف حال) كما يسمونها ..
نجد جزء من هذه الفئة يقود مسيرات تسير بها في الشوارع ظناً منها أن النظام سيسقط باكياً من المشهد قائلاً :  " ياااااااااه .. كل دول بيكرهوني ؟؟ " .. متناسيين أن النظام السابق لولا الضغط المستمر والاعتصام المفتوح والتصعيد والزحف في يوم 11 فبراير إلى قصر الرئاسة ما كان قد سقط .. أو هكذا بدا لنا حينها قبل أن نُدرك أننا أسقطنا المُعلم فقط بينما هناك من حمل رسالته ويحكمنا بها الآن وإن تفوّق على معلمه .
نجد هذه الفئة تظن أن مجرد السير في الشوارع بالأعداد الكبيـــــــــــــرة يُرهب النظام ولا يعلمون أن النظام الحالي يتمنى من كل قلبه أن تقتصر ثورتهم على المسيرات والتظاهرات لأنها - وبدون مبالغة - قد فقدت بريقها وتأثيرها السابق وأنه قد تَعلَم ألا يعيرها الاهتمام مثلما أعارها أسلافه وتَعَلّم ألا يترنح من أي تظاهرات مهما كان حجمها .
هذا النظام لا يحتاج ثوار (بلاستيك) يؤمنون بأن التظاهر من بعد صلاة الظهر إلى العاشرة مساءاً هو الحل ، هذا النظام إذا أردت الضغط عليه فعليك أن تحمل في يدك كروتاً تساومه بها ؛ فنحن نتحدث ها هنا عن نظام يختلف تماماً عن نظام (مبارك) .. النظام الحالي سيقاوم حتى آخر نفس في صدر آخر عضو في جماعته وليس حتى آخر نفس في صدر رئيسه .
التصعيد يا سادة هو الحل .. أما التأخر في التصعيد والالتزام بروتينية التظاهر فإن أسقط النظام فسيسقطه أرضاً من الضحك لا من الخوف .
 
محمد العليمي


السبت، 26 يناير 2013

موت وحياة وطن (مستوحاة من أحداث إشتباكات المجلس المحلي بالإسكندرية يوم 25 يناير 2013)


مر عامان وكأن التاريخ يعيد نفسه ..
الأمن المركزي بنفس عنفه يُكرر التجربة ذاتها مرة أخرى ..
يتلذذ بضرب المتظاهرين بقنابل الغاز بل وقذفهم بالحجارة أيضاً . 
ما زالت الداخلية بكافة قطاعاتها تلهث لحماية النظام الحاكم .. حماية أي نظام مهما كانت درجة استبداده ..
لم يتغير شيئاً .. ويبدو أن شيئاً لن يتغير .
كان كغيره ممن ظن أن الثورة ستجعله يتمسك بالحياة لتحقيق مستقبله ، ولكنه وجد نفسه يقف كل فترة أمام الموت لتحقيق ما ظن أن الثورة ستحققه ..
ووجد أن محاولة تحقيق ما يبتغيه من حرية وعدل يتصدى لها دوماً إما عسكر أو مليشيات تابعة للنظام أو جنود أمن مركزي .. ووجد نفسه يقف دوماً في الصفوف الأمامية في الاشتباكات مجابهاً العنف المُفرط ..
رأى ما يفعله الأمن المركزي مع المتظاهرين ..
ورأى المتظاهرين لا يملكون سوى الحجارة ..
ورأى أن ثلاثة أرباع من كانوا في المسيرة قد تراجعوا إلى الخلف وبينهم وبين الأمن المركزي حوالي العشرين شاباً يقفون في خط المواجهة .
رأى الغاز المسيل للدموع يُغلّف شارع المواجهات بلونه الأبيض القطنيّ ..
أُنهكت الصدور .. احترقت العيون ..
تساقط العشرات أرضاً ..
بينما المئات من ثوار الشعارات الرنانة يقفون في نهاية الشارع يُنادون بإسقاط النظام شاعرين بأن الهتاف وحده يكفي لإسقاطه وأن خدمة توصيل (إسقاط النظام) للمنازل ستصلهم حينما كانوا وبدون تكلفة .
لم يجد سوى أن يتقدم بمفرده ..
أخترق من تبقى ممن لم يفقدوا بعد القدرة على احتمال الغاز وتقدم نحو الجنود الواقفين أمام المدرعة الرابضة في بداية الشارع ..
توقف على بُعد ثمانية أمتار منها ومن جنود الأمن المركزي الذين يقذفون المتظاهرين بالحجارة تارة وبقنابل الغاز تارة أخرى ..
تَحوّل هدف الجنود من مقاومة المتظاهرين إلى محاولة قنصه بالحجارة وبزجاجات المياه الغازية التي أضيفت إلى ذخائرهم .
كان يقف مبتسماً لهم عاقداً ذراعيه على صدره متحدياً إياهم ..
أستمر الجنود في قذفه بما تيسر لهم لإرهابه لكي يتراجع .. ولكنه تقدم إليهم ..
تقدم إليهم خطوات عدة ولكنه عاد بها بالزمن إلى ساعات ماضية ..
تذَكر أنه وعد حبيبته منذ ساعات أنه سيعود إليها سليماً ومُعافى ولن يُلقى بنفسه في خط المواجهة كما عهدته دوماً .
المسافة بينه وبينهم الآن خمسة أمتار ..
كان تقدمه لا يسمح بإلقاء قنبلة الغاز بجواره نظراً لقربه الشديد من الجنود مما سيؤدي إلى تأذيهم فقرروا الاستمرار بإلقائه بالأحجار ..
كان يتفادى الأحجار مستهزئاً بهم على مرأى ممن خلفه طامحاً في أن يُزيد ذلك من جرأة من يرونه وهم يشاهدون الجنود وهم يُخفقون في إصابته .
تَقدم نحو الجنود مرة أخرى ..
أزداد عدد الجنود في مواجهته وكأنهم أدركوا ما يرمي إليه من تقدمه هذا ..
أتى واحداً منهم بمدفع القنابل ووجهه إليه محذراً إياه ..
كان كلاً منهما - الجندي والشاب -  يعلمان ما ستنتج عنه إصابته بالقنبلة من هذا القرب .. ولم يفارقه مشهد أحد الشباب الذي تلقّى واحدة منها في وجهه فتحطمت أسنانه ولربما تحطم وجهه بأكمله نظراً لكمية الدماء التي غطت وجهه .
أزاح هذا الخاطر عن تفكيره وتوقف في مكانه وفرد ذراعيه مرحباً بضربه بالقنبلة في استهزاء ..
أخذ الجندي وضع إطلاق القنبلة نحوه وأطلقها نحوه .
.شعر بها الشاب تمر بجوار أذنيه بصوتها المميز ..
أبتسم للجندي ساخراً لفشله في إصابته .. ولم يُلاحظ أن جسده قد ارتطمت به في تلك اللحظة أكواماً من الحجارة وحطام الزجاج الذي تهشم بجوار قدميه .
في تلك اللحظة أدار السائق محرك المدرعة المتواجدة خلف الجنود ..
مدرعة ربما كانت لا تزال تحمل في عجلاتها أشلاء من دهستهم منذ عامان .
أفسح الجنود لها طريقاً وانطلقت نحوه ..
كان سائقها قد رأي يوماً مشهداً لشخص يقف أمام المدرعة في تحدي لها ، لذلك قرر ألا يصنع من هذا الشاب بطلاً .. فتحرك نحوه ظناً منه أن الشاب سيركض حتماً من أمامه كغيره من المتظاهرين .
تحركت المدرعة نحوه بسرعة ..
تعالت أصوات المتظاهرين خلفه تطالبه بالتراجع قبل أن تدهسه المدرعة .
في تلك اللحظة أغمض الشاب عينيه وأبتسم ..
رأي حبيبته أمامه تمد يدها نحوه ..
رأى الظلام يتبدد تدريجياً إلى نور ..
أستمع إلى الصراخ وهو يتحول تدريجياً إلى صمت ..
تمنى مع أخر حروف نطقها من الشهادة ألا يصبح موته هباء ..
تمنى مع أخر أنفاس ألتقطها أن يتحول موته إلى وقوداً لتحطيم قيد الاستبداد ..
تمنى أن يكون موته حياة لوطن قارب أن يفارق الحياة .


محمد العليمي 


الأحد، 6 يناير 2013

حوار الرئيس (مُهند عيسوي) على التليفزيون التركي – الجزء الثاني



المُذيع : أعزائي المشاهدين .. تأخر لقاءنا الثاني مع السيد (مُهند عيسوي) رئيس دولة (مانجوستان) بسبب الاضطرابات التي شهدتها بلاده ، ولكنه طلب إجراء اللقاء برغم كل ما يحدث .. سيدي الرئيس مرحباً بك مرة أخرى .
الرئيس : أهلاً وسهلا بيك وبالشعب التركي الشقيق .. ولكني بعترض على مصطلح الاضطرابات لوصفك ما يحدث في (مانجوستان) .. ما حدث هو شيء صحي وناتج عن زيادة الحب ما بين المعارضين والمؤيدين .
المُذيع : حسناً سيدي الرئيس .. سأبدأ حديثي بسؤال يشغل البعض ، لدينا سؤال متعلق بما يُعرفون إعلامياً بأسم (ضباط 8 أبريل) .. متى سيتم الإفراج عنهم ؟
الرئيس : هو مين اللي حبسهم ؟
المُذيع : المشير (محمد كريم طهطاوي) .
الرئيس : طب ومين اللي ماسك مكانه دلوقتي ؟
المُذيع : (عبد الرزاق التيتي) .
الرئيس : طيب .. ما هي بسيطة أهي .. اللي حبسهم يطلّعهم .
المُذيع : سيدي لا أفهم ما تقصده .
الرئيس : بص يا سيدي .. أحنا فعهد جديد وأنا طبقت سياسة جديدة وهي سياسة (اللي حضّر العفريت يصرفه) .. ونبّهت كل وزرائي .. ما حدش يصلّح حاجة حد قبليه بوّظها .. أحنا مش خدامين عند اللي جايبنهم .
المذيع : جاءنا الآن أنباء عن خروج مظاهرات معارضة لك في شوارع (مانجوستان)  .
الرئيس : لا تقل معارضة لي .. بل هي مؤيدة .
المُذيع : ولكن سيدي الرئيس الهتافات في التظاهرات كلها هتافات معارضة لسياستك ولحكومتك .
الرئيس : لأ .. هي مظاهرات مؤيدة ليا .. وأكبر دليل على كده أننا هنبعتلها ولادنا دلوقتي يحتفلوا معاهم ويساعدوهم في تأييدي .
المُذيع : وصلنا الآن أنباء عن وجود اشتباكات بين المتظاهرين .. إذن فهذا يعني أن ما قولناه صحيح من أن المتظاهرين الذين تظاهروا في البداية هم من معارضيك .
الرئيس : لأ .. ده معناه إن اللي قولتهولك صح .. دول الولاد نزلو يحتفلو معاهم بتأييدي .
المُذيع : سيدي الرئيس وصلنا الآن أن المظاهرات وصلت إلى قصركم الرئاسي .
الرئيس : شايف الحب وصل لأيه ؟ جايين يأييدوني .. بَحبكم والله .. بَحبكم .
المُذيع : سيدي .. تلك مظاهرات للمعارضين وليست للمؤيدين يُنادون فيها بإسقاط الدستور المُقترح .. بل إسقاطك شخصياً .
الرئيس : ما تكبّرش الموضوع .. إسقاطي أيه بس .. أنا ما حدش يقدر يقول لي أمشي غير واحد بس .
المذيع : تقصد الصندوق الإنتخابي ؟
الرئيس : لأ حد تاني الناس عارفاه .
المذيع : وإلى هنا نأتي إلى نهاية الجزء الثاني من الحوار وانتظرونا في الجزء الثالث من الحوار .

محمد العليمي
(نُشر في العدد الثاني من مجلة أحرار البعكوكة بتاريخ 5 يناير 2013)