كان هذا هو الحل الوحيد لديهم ..
فلقد نشأ جداراً وهمياً بيننا وبينهم منذ سنوات وقد آن الوقت ليصبح جدارً حقيقياً وحدوداً تفصل دولتنا عن دولتهم .
كانت اختياراتنا مختلفة عن اختياراتهم منذ البداية ..
هم من امتعضوا من ثورتنا وما إن أتت بهدف من أهدافها - وهو إسقاط الرئيس - حتى وابتلعوا الأمر بكثيرٍ من الماء ..
هم من رأوا أن الاستقرار هو الحل حتى وإن كان الاستقرار على وضع خاطئ ولكنه بالنسبة لهم استقرار والسلام .
قلنا الثورة تحكم فقالوا الخبرة تحكم ..
قلنا لا للفاشية الدينية قالوا إنهم أناسٌ طيبون ومن ظُلم لا يُظلم ..
قلنا لا للارتماء في حضن العسكر مرة أخرى قالوا أن من أزال البيت هو الأولى بامتلاك الأرض ..
قلنا الصمت خيانة قالوا الصمت واجب وطني ..
قلنا الصبر مهانة قالوا الصبر ضروري ..
قلنا القمع زاد فقالوا الأمن أولى وأحق ..
فكان لابد من الفراق بيننا وبينهم .
لا يهم كيف بدأ الأمر ولكنه حدث ..
تجمّع كل رافض للإخصاء السياسي في مكاننا هذا تاركاً وراءه كل من أراد تلك الحياة السوداء .
أعدادنا أصبحت كبيرة وتزداد يوماً بعد يوم ودولتنا لا تتكون من الشباب فقط وإن كان الشباب هم الأغلب ولكن أنضم لنا الشيوخ والنساء وحتى الأطفال .
تسألني عن معيار الانضمام إلى الدولة ؟
المعايير تختلف من شخص لآخر فهناك من يعلم سبب انضمامه إلينا وهناك من أتى به التيه دون قصداً منه ورضى بأرضنا تلك بلداً ..
نعم .. أكثرنا لم يتمنى هذا الاختيار يوماً لأننا ظننا أن لوطننا الأم واجب علينا بأن نبقى بها لنغيّر فكر ووضع أهلها للأفضل ولنرشدهم إلى الطريق الصواب .
الانضمام لدولتنا للأسف لا يكون برغبتك فهو قرار جهات عليا تولت هي تحديد من يصلح للبقاء في الوطن الأم ومن يصلح للانضمام للدولة الجديدة فلذلك فكل فرد منا وجد نفسه هنا دون أهله أو أصدقاءه ، وأيضاً لا يقدر أن يطالب بانضمامهم إليه أو يتمنى ذلك نظراً لصعوبة المعيشة فيها في الوقت الحالي وفي المستقبل لأنهم يحافظون على ألا نُشكل تهديداً لهم في أي وقت ..
نعم .. سنحيا هنا مقاومين شعوراً قاتلاً بالاشتياق لمن نأبه لأمره وقد لا نراه لآخر عمرنا أو عمره .
لا ننكر أننا نحاول أن نتأقلم على الوضع الحالي في ظل نقص كل شيء حيوي وضروري للحياة الكريمة ولكن ليت أمر الانفصال كان قرارانا بل تم إجبارنا عليه وعلى شروطه .
هل تريد الانضمام إلينا ؟
لا أحبذ ذلك ولكن إليك الطريقة التي قد تؤهلك لذلك يوماً ..
لا تصمت على الظلم .. وبعدها ستجد – ولو بعد حين – من يمد إليك يده لينتشلك من وسط أحبائك ويلقيك وسط دولتنا .
وماذا لو آثرت الصمت وسرت مع السائرين ؟
أخشى أنها ليست الطريقة المثلى لتجنب العيش معنا فلقد تجد نفسك مستقبلاً مجبراً على الرحيل لأنك – فقط – توقفت عن المدح والتهليل والتسبيح لمن خلق هذا الوضع السياسي المزري .
محمد العليمي
19 مايو 2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق