كنتُ
قد توقفت لشهورٍ طويلة عن كتابة أي مقال يخص (حمدين صباحي) حتى لا أُتهم
بأنني لا أجيد إلا الكتابة عنه أو أنني
مهووس من المهووسين به ، وعندما علم بعض أصدقائي أنني سأشرع في كتابة مقال عن
(حمدين صباحي) حاولوا منعي وذلك لأنهم يخشون بأن أنتقده نقداً لاذعاً نظراً لعلمهم
بأنني أحمل بعض التحفظات عليه مؤخراً .. تحفظات لكم وددت نقلها إليه شخصياً ولم
أستطع ..
قد يكون السبب في ظنهم هذا يرجع إلى عدم
إدراكهم إنني مهما حدث لن أنقلب مائة وثمانون درجة وأبدأ كغيري في إطلاق قذائف
النقد اللاذع له والتبرؤ من تأييدي له والتغني بأوبريت : " أنتخبت حمدين صباحي
وندمت " الذي يتغنى به العديد ممن أيدوه لمجرد إختلافهم معه في بعض التصرفات
السياسية ، مع العلم أن تأييدي له ليس لشخصه ولكن لأنه الوحيد الذي يُماثلني في الفكر
والوحيد الذي أُصدق أنه يسعى لتحقيق ما أحلم به .
المُقربون مني يعلمون أنني لم أتبع أي شخصية
سياسية طوال حياتي ، فكنتُ دوماً أبتعد عن الأشخاص وأسير نحو الأفكار ، واقتناعي ب(حمدين)
كمرشح للرئاسة جاء نتيجة لبحثٍ مضنٍ في تاريخه أثبت لي أنه يملك ما يفتقده
المرشحون السابقون .. الصدق ..
لذلك فأنا من أخطر أنواع المؤيدين بل يمكن القول
بأنني مُعَد للانفجار في من أؤيده في أي لحظة إذا ما ضل الطريق ، ولكن (حمدين) لم
يضل الطريق ولم يرتكب خطايا تستحق انشقاقي عنه ولكنه أيضاً لم يعد كما كان منذ عام
مضى .
ما سأقوله في هذا المقال هو بعض ما أشعر به
.. قد أكون مُخطأ أو مُبالغاً في نظر البعض وقد أكون محقاً في نظر البعض الآخر ..
فأرجوكم لا تقاطعونني ولا تجتزئوا ما سأقوله لإتهامي بالافتراء عليه أو إتهامه
بشيء لم أقصده ، فأنا
أعلم أن هناك من سيقول لي : " هذا ليس وقت إنتقاده " .. ومن سيقول : " إنتقاداتك
سطحية " كعادة بعض من لم يتحلوا بعد بتحرير العقول ولكنك
طالما قرأت هذا المقال فمعنى هذا أنه قد كُتب وتم نشره فلا فائدة من النُصح الذي يصاحبه
دفن الرأس في الرمال .
.
أشعر أن (حمدين) قد أبتعد عن الناس ..
فما كان يميزه عن غيره من المرشحين الرئاسيين
هو أنه أقرب ما يكون للجماهير عن باقي المرشحين ولكن هذا قد تغيّر في وجهة نظري ..
لقد تقابلت معه ثلاث مرات آخرهم – وأشعر أنها
ربما ستكون الأخيرة - في موطنه (بلطيم) ، كنت فيها مرافقاً لحملته الرئاسية
بالإسكندرية التي أفتخر أنني انتميت لها يوماً ، ولا أستطيع أن أصف لكم مدى إحساسي
بطيبته ومودته معي ومع زملائي ، ولكني الآن بدأت أشعر أنه قد تحول حرفياً إلى من
نُسميهم (النخبة السياسية) التي تتميز بلافتة (ممنوع الاقتراب) والتي كان ينتمي
إليها بشكل شكلي فقط وكان في كل شارع وكل مدينة يقف وسط من حوله ولربما لا تستطيع
تمييزه عنهم ..
أعلم أن وضعه الآن قد أختلف لا لشيء إلا لكون
جماعة ما قد نَذَرت حياتها ومجهوداتها لتشويهه عندما أدركت تَضخّم شعبيته وسط شعب
أرادت ألا يجد أفراده سوى رجالها بديلاً ، ولكن ليس كل من أيدوه سيتقبّلوا ابتعاده
عنهم وعن الشارع الذي أعطاه ثقته يوماً ما .
أُنكر عليه بعض الخطوات التي قد يظن أن لها أهمية
على المستوى السياسي ولكن هذه الأهمية لا تصل إلى المواطن العادي مما يجعل جماعة
ما تستخدم هذه الخطوات والتصرفات لإبعاده أكثر فأكثر عن مُخيلة المواطن الذي يراه
نصيره والوحيد الذي ناضل ويُناضل وسيناضل من أجله ، والتوضيحات لهذه المواقف تأتي
دوماً متأخرة من قِبله وأحياناً لا تأتي ، فالتأخر في الرد على الاتهامات قد يوحي
للبعض أنها حقيقية ..
ألا يعلم (حمدين) أنه في نصف الساعة تقوم
لجان أحد الجماعات بمجهود خرافي لإيصال الزيف وتحويله إلى حقيقة ؟ ألا يعلم أن
التباطؤ يُفقد المصداقية تدريجياً ؟ .. فليس كل من أيدوه يعرفون طريقة تفكيره مثلما
أعرفها .. وإن كنت أستنبط أحياناً أسباب أي تصرف من رصيد معرفتي بتاريخه .
أعلم أنه ربما قد لا يقرأ هذا المقال ولكن إن
قرأه فأرجو أن يتقبل مني هذا النقد الذي ليس إلا عتاب من شاب في عمر ولده يرى أنه
ينتمي إلى حلمه وفكره الثوري .. شاب يراه ضمير المعارضة الذي تحتاجه مصر دوماً ولا
أجد غيره من يستحق هذه المكانة ..
عد إلينا كما عهدناك ليعود إليك من ظنوا أنك قد أبتعدت عنهم .
عد إلينا كما عهدناك ليعود إليك من ظنوا أنك قد أبتعدت عنهم .
محمد العليمي